العلاج النفسي يدخل العالم الرقميّ...وفؤاد منذر يفتح أبواب التعافي عبر "Doors"!

العلاج النفسي يدخل العالم الرقميّ...وفؤاد منذر يفتح أبواب التعافي عبر "Doors"!



في زمنٍ يشهد فيه العالم تحوّلاتٍ رقميّة متسارعة، لم تعد التكنولوجيا مقتصرة على مجالات العمل أو التواصل فحسب، بل أصبحت تلعب دورًا جوهريًّا في مجال الرعاية النفسيّة أيضًا. ومع تزايد الوعي بأهميّة الصحّة النفسيّة وضرورة تسهيل الوصول إلى العلاج، برزت منصّات متخصّصة تقدّم خدمات العلاج النفسي عن بُعد، من بينها منصّة "Doors" التي تسعى إلى جعل الدعم النفسيّ متاحًا لكلّ شخص بطريقةٍ آمنة، مرنة، وسهلة.

وللحديث أكثر عن هذا التطوّر في عالم العلاج النفسيّ، أجرينا هذا اللقاء مع الأخصائي النفسيّ فؤاد منذر، الذي تحدّث معنا عن تميّز وأهمية هذا النوع من العلاج، وعن رؤيته لمستقبل الخدمات النفسيّة في العالم العربي.

- بداية، مبروك منصّة "Doors"..ما الذي يميّزها عن العيادات النفسية التقليدية، وكيف تساهم في تسهيل الوصول إلى العلاج النفسي؟

عندما نتحدّث عن العلاج النفسيّ عن بُعد عبر المنصّات الرقميّة، هناك عاملان أساسيّان نُسخّرهما لخدمة العملية العلاجيّة، وهما الوقت والمكان.

ففي الجلسة الافتراضيّة، يستفيد الشخص من الخدمة النفسيّة وهو في مكانٍ يشعر فيه بالراحة، ممّا يتيح له أن يكون على طبيعته، وأن يعبّر بحرّية وطمأنينة أمام المعالج، فيغوص بصدقٍ في أعماق مشكلته وحياته. أمّا العامل الثاني، فهو الوقت، إذ تسهّل المنصّة عمليّة تحديد المواعيد بما يتناسب مع وقت المعالج وطالب الخدمة على حدٍّ سواء، الأمر الذي يجعل الجلسات أكثر انتظامًا واستمراريّة. يُضاف إلى ذلك أنّ الكلفة في العلاج عبر المنصّات تكون عادةً أقلّ من كلفة العلاج التقليديّ، ما يجعله في متناول عددٍ أكبر من الأفراد الذين يحتاجون إلى الدعم النفسيّ.

- إلى أيّ مدى يمكن للمنصّات الإلكترونية أن تساعد في كسر الوصمة الاجتماعية المرتبطة باللجوء إلى العلاج النفسي؟

يعيش معظم الناس اليوم في عالمٍ يعتمد بشكلٍ كبير على المنصّات ومواقع التواصل الاجتماعيّ، وهذه المنصّات لا تؤدّي فقط دور الوسيط بين المعالج والمستفيد، بل تقوم أيضًا بدورٍ توعويّ أساسيّ.

فمن خلال حملات التثقيف والمحتوى الإرشاديّ الذي تقدّمه، تُسهم هذه المنصّات في محاربة الوصمة السلبيّة المرتبطة بالعلاج النفسيّ، وتُظهره كخدمةٍ إنسانيّة طبيعيّة يحتاجها أيّ فرد.كذلك، توفّر هذه المنصّات مكانًا آمنًا وسرّيًّا للأشخاص الذين يخشون نظرة المجتمع، إذ يمكنهم التواصل مع المعالج دون أن يراهم أحد أو يعلم بخطوتهم، مما يخفّف عنهم الضغط الاجتماعيّ ويمكّنهم من التركيز على حلّ مشكلاتهم بثقةٍ وارتياح.

- هل تعتقد أنّ العلاج النفسي عبر الإنترنت يقدّم فعاليّة مشابهة للعلاج الحضوري، خصوصًا في حالات القلق والاكتئاب؟

قبل الحديث عن الجانب التقنيّ، من المهمّ الإشارة إلى أنّ هناك تنوّعًا واسعًا في المدارس والأساليب العلاجيّة، وهذا التنوّع يعكس اختلاف الأفراد وتفرّد تجاربهم الشخصيّة. وعندما نتحدّث عن العلاج عن بُعد كأحد هذه الأساليب، فإنّ فعاليّته تتفاوت تبعًا لطبيعة الحالة. فبالنسبة إلى بعض الاضطرابات مثل القلق والاكتئاب، يمكن أن يشكّل العلاج عبر الإنترنت محطّة دعمٍ مهمّة، أو نقطة انطلاق نحو العلاج الشامل. كما يمكن اعتماد المنصّة كوسيلة دعم للأشخاص الذين يقدّمون الخدمات النفسيّة، لتسهيل وصول المساعدة إلى أولئك الذين يعانون اضطرابات أكثر حدّة.

قد لا يُقدّم هذا النمط دائمًا الحلّ الكامل، لكنّه يمنح الشخص المساحة الآمنة التي يحتاجها للتعبير والتفكير، ويهيّئه لطلب مساعدةٍ أعمق من فريقٍ متكامل من المتخصّصين. وبالتالي، يمكن اعتباره ملاذًا فعّالًا ومناسبًا لكثيرين، أو خطوة أولى نحو رحلة التعافي المتكاملة.

- برأيك، كيف يمكن لمشاريع رقمية كهذه أن تغيّر مستقبل الرعاية النفسية في العالم العربي؟

نحن نعيش اليوم في عصرٍ رقميّ بامتياز، حيث أصبح الهاتف والحاسوب وسيلتَنا الأساسيّة للحصول على الخدمات المختلفة. والعلاج النفسيّ، باعتباره علمًا إنسانيًّا يتعامل مع تطوّر الإنسان وتكيّفه، لا بدّ له أن يواكب هذا التحوّل. فمع تركّز الاهتمام العالميّ على المجال الرقميّ والمنصّات الاجتماعيّة، أصبح من الطبيعيّ أن يتطوّر علم النفس بدوره ليتبنّى الحلول الرقميّة والتكنولوجيّة التي تُمكّنه من الوصول إلى الناس والتفاعل معهم بلغتهم المعاصرة. وأنا أؤمن بأنّ العلاج عبر المنصّات الرقميّة سيُصبح في المستقبل الركيزة الأساسيّة للعلاجات النفسيّة.


إرسال تعليق

أحدث أقدم